تقع دولة الكويت على بحر الخليج العربي وهذا يضفي لها بيئة بحرية تتميز بالتنوع في الأسماك الموجودة أو حتى الشعاب المرجانية وغيرها من الكائنات البحرية
إعداد شهد المحميد
تقع دولة الكويت على بحر الخليج العربي وهذا يضفي لها بيئة بحرية تتميز بالتنوع في الأسماك الموجودة أو حتى الشعاب المرجانية وغيرها من الكائنات البحرية وفي السنين الماضية من العمل والغوص في البيئة البحرية الكويتية من أقصى شمال دولة الكويت إلى جنوبها، يمكن القول أن قيعان بحر الكويت تنقسم إلى ثلاثة أنواع ( قاع طينية – وقاع صخرية – وقاع رملية )، وكل قاع تزدحم فيه الكائنات البحرية الخاصة بها وفي أحيان أخرى قد تتشابه مع قيعان أخرى وهذا بدوره يعطي تنوع كبير من الكائنات في بحر الكويت، وهناك السواحل ينكشف عنها الماء في الجزر وتنغمر بالمياه في وقت المد وقد تصل المسافة التي تنكشف عنها المياه إلى أكثر من 600 متر وهي غنية جدا بالتنوع الأحيائي. كما يمكن تقسيم بحر الكويت إلى ثلاث مناطق شمالية وجنوبية ووسطى فكلما اتجهنا شمالاً زادت نسبة تعكر المياه بسبب وجود شط العرب، وكلما اتجهنا جنوباً أو شرقاًُ قلت النسبة. وإن البيئة البحرية الكويتية ليست بمعزل عن العالم فيالتأكيد تواجه معظم التحديات التي تواجه أغلب دول العالم وتؤثر عليها وعلى خلفية ملتقى يوم الأرض الأول الذي أقيم في كلية العلوم الصحية كان لمجلة صناع المستقبل نقاش مع الكابتن محمود أشكناني – مسؤول المشاريع البيئية في فريق الغوص الكويتي حول أبرز التحديات التي تواجهها البيئة البحرية في الكويت والتي تكمن في التغير المناخي والتدخل البشري السلبي، حيث أن الاحتباس الحراري وما يصاحبه من ارتفاع درجات الحرارة والعواصف وتغير التركيبة الطبيعية للهواء، وأيضا استنفاد طبقة الأوزون، وحركة رمال قيعان السواحل، وعوامل أخرى تؤثر بشكل عميق في مساحات وتنوع البيئات وكائناتها، أما العوامل البشرية فهي كثيرة ويمكن أن نوجزها بالتالي:
1- المخلفات والتسربات النفطية والصناعية والاستهلاكية الصناعية.
2- مجارير صرف الأمطار والصرف الصحي.
3- ردم السواحل وتغير حركة التيارات المائية.
4- الصيد الجائر والصيد في أوقات ممنوعة، أو وسائل مخالفة لعملية الصيد للأسماك.
5- استخدام أدوات رسو القوارب في مواقع الشعاب المرجانية.
6- كثافة مرتادي البحر مع قلة وصغر مواقع الاستجمام.
7- مخلفات مرتادي البحر والسواحل.
8- إهمال الصيادين وترك الشباك مهملة ومن ثم اصطدامها بالشعاب المرجانية.
وذكر خلال حديثنا معه أن بالطبع هناك حلول أو وسائل يمكننا بها المحافظة على البيئة البحرية وذلك بتجنب أو الحد من التصرفات البشرية الضارة بالبيئة البحرية وسن قوانين صارمة وتطبيقها بالإضافة إلى زيادة الوعي لدى الناس وتشجيعهم لحماية وتنمية البيئة البحرية عن طريق تبني مشاريع تسهم في المحافظة وتنمية البيئة البحرية، وأقترح الكابتن محمود أشكناني أن يتم دعم الجهات الخاصة المبادرة والمهتمة في هذا الشأن واعطاءهم مساحة أكبر في مساهماتهم البيئية الإيجابية وأكمل حديثه أنه لا يجب أن نتغاضى عن دور الدولة بأنشاء وتأسيس الهيئة العامة للبيئة وأيضاً دور الشرطة البيئة واستخدام أدوات الدولة الإعلامية المرئية والمسموعة منها بنشر ثقافة المحافظة على البيئة وخلال العشر سنوات الماضية كان هناك تغير كبير في الوعي لدى المجتمع وهنا تبرز أهمية ادخال الثقافة البيئية البحرية وانعكاس السلوكيات الخاطئة في مراحل الدراسة الأولية والمتوسطة لغرس مفهوم المحافظة على البيئة لدى الأجيال القادمة.
وأشاد الكابتن أشكناني بجهود فريق الغوص الكويتي واسهاماته الكبيرة في الحفاظ على البيئة البحرية الكويتية من خلال عدة مشاريع ذكر منها:
1- القيام بأكثر من 200 عملية تنظيف للبيئة الساحلية.
2- إنقاذ الكائنات البحرية (12 عملية)
3- انتشال القطع البحرية (قارب - يخت -السفن) وكان عددها أكثر من 750 قطعة بحرية من الشعاب المرجانية والمراسي والممرات الملاحية لتأمين سلامة الملاحة، ومنع التلوث.
4- رفع شباك الصيد المهملة أكثر من 350 طن من شباك من الشعاب المرجانية والممرات الملاحية والسواحل الكويتية.
5- رفع أكثر من 3600 طن من المخلفات الضارة من الشعاب المرجانية والبيئة البحرية.
6- تركيب وصيانة أكثر من 106 مربط بحري حول أهم الشعاب المرجانية لرسو القوارب لحماية الشعاب المرجانية.
7- العمل على إنشاء 25 محمية اصطناعية للشعاب المرجانية والأسماك ضمن محميات (جابر الكويت البحرية).
8- تعاون بيئي لمشروع تنظيف نقعة الشملان (نقعة سوق السمك) في شرق، مع مؤسسة الموانئ الكويتية، وبلدية الكويت، وإدارة سوق شرق، واتحاد الصيادين، ولجنة إزالة التعديات التابعة لمجلس الوزراء، وأنجز خلالها 4 حملات كبرى لتنظيف النقعة.
9- مشروع زراعة الشعاب المرجانية وإعادة تأهيل لمواقع الشعاب المرجانية المتضررة، وتوسيع رقع انتشار المرجان في البيئة الكويتية.
10- مراقبة الشعاب المرجانية ومتابعة حالتها بالتعاون مع جامعة كوينز لاند في أستراليا.
11- إقامة (الحملة المتنقلة لتنظيف الشواطئ) سنوياً والممتدة لأربعة أشهر تم خلالها استقبال أكثر من (5000) من طلبة مدارس الكويت أسبوعيا وجمعيات النفع العام والجهات الحكومية والخاصة والجمهور العام، بالتعاون مع بلدية الكويت ووزارة الصحة ووزارة التربية وشركة المشروعات السياحية.
12- إقامة ندوات وورش العمل لنشر الوعي البيئي وتسليط الضوء على المخاطر التي تتعرض لها البيئة البحرية.
وكان هناك العديد من المبادرات البحثية لتحسين من مستوى البيئة البحرية في الكويت طبقت على أرض الواقع وذكر من هذه التجارب بناء المستعمرات المرجانية، حيث قام فريق الغوص الكويتي ببناء مجسمات خرسانية ذات تصاميم وارتفاعات متعددة وإنزالها في جنوب بحر الكويت في 24 موقع بحري متفرق وفي أعماق مختلفة وملائمة لنمو المرجان، ويتفاوت عدد كل محمية من 5 إلى 52 مجسم خرساني وبوزن من 1,5 إلى 8 طن للقطعة الواحد بارتفاعات من 1 متر إلى 3 أمتار، وقد كونت بيئات متكاملة من التنوع الأحيائي والمرجاني، وتفاوتت المدة المستغرقة لنمو المرجان عليها من 4 سنوات إلى 12 سنة وقد نمت بأحجام متفاوتة، كما أنه أزدهر نمو بعض المرجان الرخو الذي يحتاج متطلبات خاصة لاستقراره. وبعد أن أصاب الابيضاض المرجان في الكويت والعالم أجمع عام 2010 م، وما تبعه من نفوق أكثر من 75% من المرجان في الكويت وندرة بعض أنواعها كانت التجربة التالية هي مبادرة فريق الغوص الكويتي لعمليات زراعة المرجان على هياكل خاصة وإعادة تأهيل موقع الشعاب المرجانية وقد حققت نتائج رائعة وكان نمو المرجان بعد أن وضع في أعماق وظروف مناسبة وخلال 20 شهر نمت بشكل غير متوقع إلى 7 أضعاف حجمها وقت الزراعة.
وأخيراً عمل الفريق نفسه على إعادة توازن أعداد الكائنات البحرية فرصد الفريق في عام 2011 م غزو كثيف من القنافذ البحرية قصيرة الشوكة على شعاب (قطعة البنية) وذلك بسبب نفوق مساحة كبيرة من المستعمرات المرجانية، وبالتالي نمو أنواع معينة من الطحالب عليها هياكل المرجان الميت والتي تعتبر مصدر غذاء مفضل لقنافذ البحر، ومع النقص الشديد في بعض أنواع الأسماك التي تتغذى على مثل تلك القنافذ بسبب الصيد الجائر تضاعف أعدادها بشكل كبير وأصبحت كثافتها عالية جداً وقام الفريق بمسح ميداني لتحديد نسبة كثافتها وكان معدل تواجدها في المتر المربع 57 قنفذ، وأثناء تناول القنافذ على الطحالب تقوم بقشط القاع الصخري وهياكل المرجان الميت مما يمنع نمو بعض الطحالب الجاذبة ليرقات المرجان للاستقرار عليها، وبذلك لا يمكن استقرار اليرقات في الموقع، ومع تفاقم المشكلة في عام 2012 و 2023 م، قام الفريق عام 2013 م بنقل أكثر من 1000 قنفذ بحري من قطعة (شعاب) إلى مواقع أخرى بعيده نسبيا عن الشعاب، وخلال سنة واحدة بدأ نمو الطحالب واستقرار بويضات المرجان عليها، وخلال سنتين ازدهرت الشعاب مرة أخرى.