إعداد معلمة المستقبل 
نداء جمال محمد أحمد كمال الدين 
 
طالبة من جمهورية مصر العربية مقيمة في الكويت 
 
إشراف ومتابعة 
الدكتورة أنوار بدر الهلال 
 
كلية التربية الأساسية – قسم العلوم- الكويت 
 
افتتاحية 
 
 
تعتبر الكتابة العلمية للرحلات السياحية للوجهات الطبيعية إحدى أهم الأدوات التي تمكن الطلبة من إسقاط المعرفة العلمية على الواقع العملي والتطبيقي والتي من خلالها يتم التواصل الفعال والمساهمة في نقلها إلى المجتمع الأكاديمي والعام. في هذا السياق، يُعد تشجيع الطلبة على توثيق مقالات علمية جيولوجية ونشرها في مجلة "صناع المستقبل" خطوة محورية نحو تعزيز قدراتهم البحثية والأكاديمية. هذه المهارة ليست مهمة فقط في المجال الأكاديمي، بل تتعداه لتكون أساسية في حياتهم المهنية المستقبلية. علاوة على ذلك، يساهم هذا التشجيع في تنمية التفكير العلمي المتكامل في صنع العزيز القدير الذي يعتبر رحلة تأملية وعلمية يعزز من قدرات طلبة العلم على فهم عمق وروعة الكون وكل ما يحتويه من مخلوقات وظواهر طبيعية مما ينمي فهم قيمة العلم وأهمية البحث والاستقصاء ليس فقط في الكتب والمراجع العلمية والفصول الدراسية، ولكن أيضاً في التأمل في خلق الله وإسقاط المفاهيم العلمية في حياتهم اليومية. 
الجيولوجيا، كعلم يدرس الأرض وتكوينها والتغيرات التي طرأت عليها عبر الزمن، تتيح لنا نافذة فريدة لفهم مظاهر قدرة الله في خلقه. كل حبة رمل وكل طبقة صخرية وكل تشكيل جيولوجي يحمل بصمات عملية خلق عظيمة، مليئة بالتفاصيل الدقيقة التي تعكس الحكمة والإبداع الإلهي في الخلق. عندما يدرس الطلبة تكوين الصخور، أو حركة الصفائح التكتونية وعلاقتها بالزلازل والبراكين، أو تاريخ الأرض الجيولوجي، فإنهم يتعلمون كيف تعمل هذه الأنظمة المعقدة بتناغم تام، وكيف يؤدي كل جزء من أجزاء الأرض دوره بدقة وكيف سخره الله للإنسان. (الدكتورة أنوار الهلال) 
 
مقدمة 
 
عُرفت شبه جزيرة سيناء (أرض الفيروز) أنها أرض الجبال المقدسة والوديان الساحرة والمحميات الطبيعية، تتميز سيناء بطبيعة ومناخ رائعين. يقع وادي الوشواش بالقرب من منطقة رأس شيطان في محافظة جنوب سيناء، على الساحل الغربي لخليج العقبة بمدينة نويبع باتجاه طابا وتحديدًا في محمية أبو جالوم والتي يتواجد بها أنظمة بيئية متنوعة (صورة ١). يرتفع وادي الوشواش 150م عن مستوى سطح البحر وهو يعتبر أحد كنوز سيناء الجميلة المخفية في جمهورية مصر العربية والتي لم تستثمر حتى الآن في السياحة البيئية أو العلاج، وهو مكان يتميز بنقاء الهواء والطبيعة الخلابة والتضاريس الفريدة من نوعها والتي تعكس قدرة وعظمة الخالق. يُعد وادي الوشواش من أحد أندر الأودية في العالم، ويُعد وجهة مشهورة لمحبي رياضة التسلق والمشي في الطبيعة. يستمتع الزوار بالتجول في الوادي واستكشاف متاهات الصخور والممرات الضيقة بين أوديته، حيث يزدهر الوادي بمناظر بانورامية رائعة للطبيعية المحيطة، بما في ذلك الصحراء الجميلة والبحر الأحمر. سمي وادي الوشواش بهذا الاسم نتيجة للصوت الذي تسببه حركة الرياح عند اصطدامها بالجبال المحيطة بالعيون المائية الموجودة في الوادي. 
 
 
 
مواصفات الوادي 
 
وادي الوشواش يعتبر أحد الأماكن الطبيعية الساحرة والمثيرة للاهتمام والطريق إليه يعتبر مغامرة بحد ذاتها بسبب الطبيعة الصحراوية الصعبة والوعرة. يقع وادي الوشواش وسط جبال يتراوح ارتفاعها بين 100 و150 متر. يحتوي قاعه المنخفض على ثلاث عيون ساحرة (صورة ٢)، تتميز بدفئها طوال العام بسبب موقعها بين الجبال التي تحيط بالوادي من كل جانب، وتكون الأجواء باردة في فترات الليل. صفاء ونقاوة المياه في هذه العيون جعلها مكاناً مثالياً للسباحة والاسترخاء والتخييم، بالإضافة لاستخدامها كموقع استشفاء طبيعي، خصوصا أنه يحيطها الكثير من النباتات والأعشاب التي يستخدمها أهل المنطقة كعلاج لبعض الأمراض. يحتضن الوادي أيضا مجموعة متنوعة من الحيوانات الصحراوية التي تكيفت مع البيئة القاحلة. 
تم اكتشاف الوادي من قبل البدو الذين يسكنون في المناطق الصحراوية ويتجولون فيها بحثا عن مصادر المياه، وتم استخدامه بعد ذلك من قبلهم كموقع لجذب السواح ومصدر رزق لهم من خلال تنشيط السياحة. نظراً لصعوبة الطريق الجبلي غير الممهد، عمد أهل المنطقة من البدو إلى صنع مسارات مشي محددة وممهدة تسهل التنقل داخل الوادي وتتيح فرصة الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة والمناظر البانورامية للصحراء الجميلة والتأمل في عظمة وقدرة الخالق سبحانه وتعالى. وقد قاموا بتنظيم الرحلات إلى الوادي من خلال استخدامهم سيارات دفع رباعي من نويبع إلى نقطة البداية للمشي، ثم يبدأ السير على الأقدام لمدة حوالي 90 دقيقة عبر مسار جبلي وبعده تسلق الصخور حتى عيون الماء. 
يتكون الوادي من جدران صخرية شاهقة وضيقة تتدرج فيها الألوان من البني والأحمر إلى الأصفر والأبيض كما تحتوي على أنواع عديدة من الصخور مثل: الجرانيت والصخور الرسوبية الجيرية التي تعطي تنوعا جيولوجيا للوادي يضفي منظرًا بديعًا ومدهشًا. تشكلت هذه الجدران الصخرية بهندسة طبيعية رائعة على مر العصور بفعل الرياح والتيارات المائية.  
 
 
 
 
نشأة الوادي 
 
تكون وادي الوشواش نتيجة سلسلة من عمليات التجوية والتعرية الكيميائية والميكانيكية المستمرة على صخور الوادي منذ ملايين السنين نتيجة تعاقب فصول السنة وتغير الأحوال الجوية بين مواسم الأمطار وانتعاش التجوية والتعرية الكيميائية ومواسم الجفاف وسيادة حركة الرياح في تنشيط عمليات التذرية والنحت والحفر الوعائية مكونه العيون المائية (صورة ٣- ٤). 
 
 
       
 
 
السياحة البيئية 
 
تعد السياحة البيئية أحد أبرز أنواع السياحة التي تركز على استكشاف البيئة الطبيعية والحفاظ عليها، التسويق الإعلامي لمنطقة تتميز بالجمال الطبيعي يمكن أن يحولها إلى وجهة سياحية مستدامة تعود بالنفع على المجتمع المحلي والبيئة وهذا ما يفتقره موقع وادي الوشواش الذي يتميز بجمال طبيعي مميز. وعليه ممكن تبني بعض الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتحقيق ذلك في وادي الوشواش منها ما يلي: 
 
 

  
بتبني هذه الاستراتيجيات، يمكن تحويل منطقة وادي الوشواش المهملة إلى وجهة سياحة بيئية جذابة، مما يساهم في الحفاظ على البيئة المحلية وتعزيز الاقتصاد المستدام. 
 
 
 
 
رحلة جيولوجية افتراضية إلى وادي الوشواش 
 
وادي الوشواش يقدم تجربة فريدة وممتعة لعشاق الطبيعة والمغامرة. الرحلة الافتراضية إلى هذا الوادي تعد فرصة لاستكشاف جمال الطبيعة الصحراوية والتمتع بها قبل زيارته فعليا (مرفق رابط للرحلة الافتراضية) https://tinyurl.com/29bodcdz 
 
 
 
 
 
الخاتمة 
 
دراسة المقررات الجيولوجية، يساهم في اتساع مدارك الفهم لعلوم الأرض وكيفية تكوين المظاهر الجيولوجية من تشكيلات صخرية فريدة والتمييز بين الألوان الزاهية لطبقاتها والتي تشير إلى التاريخ الجيولوجي للمنطقة موثقة التغيرات المناخية والجيولوجية التي شكلتها عبر ملايين السنين. الأشكال الجيولوجية المعقدة التي تشكلت في وادي الوشواش ليست مجرد مشاهد جميلة، بل نصوصاً تقرأ تاريخ المنطقة وتكشف أسرارها.  دراسة المقررات الجيولوجية تضفي بعداً جديداً لزيارة الأماكن السياحية الطبيعية، وتطبيقا عمليا لتجربة تعلم مستمرة. إن وادي الوشواش ليس فقط مكاناً للاسترخاء والتأمل فقط، بل أيضاً مختبراً طبيعياً مفتوحا يتيح للمتعلمين مشاهدة ما تعلموه في الفصول الدراسية والكتب. 
 
شكر وتقدير 
 
أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لدكتورتي الفاضلة أنوار بدر الهلال من قسم العلوم – كلية التربية الأساسية تخصص جيولوجيا على جهودها المتميزة ودعمها المستمر خلال دراستنا للمقررات الجيولوجية. لقد كانت خبرتها واحترافها في تقديم المعلومات وتحفيزها لنا على التعلم أكبر دافع لاكتشاف عمق هذا العلم الرائع. 
 
زيارتي إلى وادي الوشواش كانت تجربة استثنائية، وبتوجيهاتها القيمة ومعلوماتها الدقيقة، استطعت أن أرى هذا المكان الجميل بعيون الخبير الجيولوجي. لقد ألهمتني رؤيتها للمعالم الجيولوجية أضافة علمية وبُعداً جديداً من الفهم والإدراك. أشكرها على كل ما بذلته من جهد ووقت لتعزيز معرفتنا ودفعنا نحو التفوق. 
 
  
 
المراجع